سورة الجاثية - تفسير تفسير الألوسي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الجاثية)


        


{وَلَقَدْ آَتَيْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ (16)}
{وَلَقَدْ ءاتَيْنَا بَنِى إسراءيل الكتاب} وهو التوراة على أن التعريف للعهد، وجوز جعله للجنس ليشمل الزبور والإنجيل ولا يضر في ذلك كون الزبور أدعية ومناجاة والإنجيل أحكامه قليلة جدًا ومعظم أحكام عيسى عليه السلام من التوراة لأن إيتاء الكاتب مطلقًا منة {والحكم} القضاء وفصل الأمور بين الناس لأن الملك كان فيهم واختاره أبو حيان، أو الفقه في الدين ويقال: لم يتسع فقه الأحكام على نبي ما اتسع على لسان موسى عليه السلام، أو الحكم النظرية الأصلية والعملية الفرعية {والنبوة} حيث كثر فيهم الأنبياء عليهم السلام ما لم يكثر في غيرهم {وَرَزَقْنَاهُمْ مّنَ الطيبات} المستلذات الحلال وبذلك تتم النعمة وذلك كالمن والسلوى {وفضلناهم عَلَى العالمين} حيث آتيناهم ما لم نؤت غيرهم من فلق البحر واظلال الغمام ونظائرهما فالمراد تفضيلهم على العالمين مطلقًا من بعض الوجوع لا من كلها ولا من جهة المرتبة والثواب فلا ينافي ذلك تفضيل أمة محمد صلى الله عليه وسلم عليهم من وجه آخر ومن جهة المرتبة والثواب، وقيل: المراد بالعالمين عالمو زمانهم.


{وَآَتَيْنَاهُمْ بَيِّنَاتٍ مِنَ الْأَمْرِ فَمَا اخْتَلَفُوا إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (17)}
{وءاتيناهم بينات مّنَ الامر} دلائل ظاهرة في أمر الدين فمن عنى في والبينات الدلائل ويندرج فيها معجزات موسى عليه السلام وبعضهم فسرها بها، وعن ابن عباس آيات من أمر النبي صلى الله عليه وسلم وعلامات مبينة لصدقه عليه الصلاة والسلام ككونه يهاجر من مكة إلى يثرب ويكون أنصاره أهلها إلى غير ذلك مما ذكر في كتبهم {فَمَا اختلفوا} في ذلك الأمر {إِلاَّ مِن بَعْدِ حتى جَاءهُمُ العلم} بحقيقة الحال فجعلوا ما ويجب زوال الخلاف موجبًا لرسوخه {بَغْيًا بَيْنَهُمْ} عداوة وحسدًا لا شكا فيه {إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِى بَيْنَهُمْ يَوْمَ القيمة} بالمؤاخذة والجزاء {فِيمَا كَانُواْ يَخْتَلِفُونَ} من أمر الدين.


{ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ (18)}
{ثُمَّ جعلناك على شَرِيعَةٍ} أي سنة وطريقة من شرعه إذا سنه ليسلك، وفي البحر الشريعة في كلام العرب الموضع الذي يرد منه الناس في الأنهار ونحوها فشريعة الدين من ذلك من حيث يرد الناس منها أمر الله تعالى ورحمته والقرب منه عز وجل، وقال الراغب: الشرع مصدر ثم جعل اسما للطريق النهج فقيل له شرع وشرعة وشريعة واستعير ذلك للطريقة الإلهية من الدين ثم قال: قال بعضهم سميت الشريعة شريعة تشبيها بشريعة الماء من حيث أن من شرع فيها على الحقيقة والصدق روي وتطهر، وأعني بالري ما قال بعض الحكماء: كنت أشرب فلا أروى فلما عرفت الله تعالى رويت بلا شرب، وبالتطهر ما قال عز وجل: {إِنَّمَا يُرِيدُ الله لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرجس أَهْلَ البيت وَيُطَهّرَكُمْ تَطْهِيرًا} [الأحزاب: 33] والظاهر هنا المعنى اللغوي، والتنوين للتعظيم أي شريعة عظيمة الشأن {مِنَ الامر} أي أمر الدين، وجوز أبو حيان كونه مصدر أمر، والمراد من الأمر والنهي وهو كما ترى {فاتبعها وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاء الذين لاَ يَعْلَمُونَ} أي آراء الجهال التابعة للشهوات، والمراد بهم ما يعم كل ضال، وقيل: هم جهال قريظة. والنضير، وقيل: رؤساء قريش كانوا يقولون له صلى الله عليه وسلم: ارجع إلى دين آبائك.

2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9